بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 أغسطس 2013

هل سيتكرر سيناريو صدام مع الأسد؟ -باسل محمد


ستكون منطقة الشرق الاوسط مجدداً على موعد قريب مع ضربة عسكرية واسعة او محدودة من قبل الدول الغربية بقيادة اميركية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد لأنه المتهم الرئيس في الهجوم اخيراً بالسلاح الكيمياوي على مناطق الغوطة بريف العاصمة دمشق والذي راح ضحيته اكثر من الف قتيل و آلاف المصابين من الاطفال و النساء و المسلحين السوريين المعارضين.
من الناحية الدولية، هناك شقان يتعلقان بنظرية الأمن القومي الاميركي، الشق الخاص بزعامة كونية لمنظومة القيم الديمقراطية التي تأسس عليها النظام السياسي الاميركي وبالتالي اي طرف اوجهة او دولة تتناقض او تتسبب في حرج او تقوض نفوذ هذه الزعامة تمثل تهديداً للأمن القومي في الولايات المتحدة ويستوجب التدخل العسكري.  اما الشق الثاني، فله صلة بوقوع تهديدات مباشرة للأراضي والمصالح الاميركية او لأراضي ومصالح الدول الحليفة ويتطلب ذلك عملاً عسكرياً واسعاً و مباشراً.
في الحالة السورية، فأن الهجوم الكيمياوي على الغوطة بغض النظر عن الطرف المسؤول عنه، النظام السوري او اي طرف ثاني له دلالات ستراتيجية بالغة الخطورة منها و اهمها ان اسرائيل - و هي حليف اساسي للولايات المتحدة - يمكن ان تواجه هجوماً شبيهاً بالهجوم على ريف دمشق في حال انتشرت الفوضى اكثر مما عليه في الوقت الراهن في سورية،  كما ان  الهجوم يعد تحدياً للزعامة الاميركية لقيم الديمقراطية في العالم وهذا امر يضر بهيبتها ونفوذها  لأن هذه الزعامة الاعتبارية و الاخلاقية اخذت على عاتقها اقامة نظام دولي جديد و الدفاع عنه وهناك استحقاقات ملزمة بنشر اسلوب الحكم الحر و التعددي وبالتالي من المنطقي ان  يبادر الاميركيون الى التعامل مع الملف الكيمياوي السوري بجدية وحزم واذا لم يفعلوا ذلك، فأنهم سيواجهون حالة من الازدراء والسخرية من الشعب الاميركي اولاً و بقية الشعوب الاخرى.
بالمقارنة بين تجربة حكم صدام حسين في العراق و تجربة حكم الاسد في سورية، فأن نظام الاسد غير بعيد عن احتمال تكرار بعض التفاصيل الخاصة بالسيناريو الذي جرى تنفيذه على نظام صدام  منها شن غارات جوية و صاروخية لتدمير مواقع عسكرية حيوية في سورية  وهذا معناه ان التدخل العسكري الغربي بسبب هجوم مناطق الغوطة قريب المنال، كما ان الغرب ربما يذهب الى خيار آخر وهو ابرام اتفاق دولي مع نظام الاسد لنزع الاسلحة المحظورة التي بحوزة الجيش السوري النظامي بذريعة ان النظام فقد السيطرة على هذه الاسلحة وهذا امر فعال لأنه يشكل ضمانة لأمن اسرائيل و أمن حلفاء الولايات المتحدة من العرب كالمملكة الاردنية.في اسوأ حسابات النظام السوري، السؤال التالي: هل يمكن للغرب ان يتذرع بالسلاح الكيمياوي الذي استخدم في غوطة دمشق ليفكر بالانتقال الى تطبيق سيناريو صدام في العام 2003؟  بمعنى يكون الهدف من اي تدخل عسكري غربي وشيك هو الاطاحة بنظام حكم الاسد وتمكين المعارضة السورية منه كما جرى بالضبط مع رئيس النظام الدكتاتوري السابق في العراق ثم تلي هذه الخطوة تشكيل حكومة سورية انتقالية باشراف دولي تكون من مهامها القاء القبض على الرئيس الاسد وبقية اعوانه لمحاكمتهم على جرائم انسانية بينها استعمال الكيمياوي ضد المدنيين.على المستوى الدبلوماسي، سيحاول اصدقاء النظام السوري ابعاد شبح السيناريو الغربي الذي تم تجريبه على نظام صدام بحيث تكون الضربة العسكرية الغربية محدودة و سريعة و مجرد عملية عقابية كي لا تتكرر الهجمات الكيمياوية  في المدن السورية وبالتالي لا يكون هدف الضربة العسكرية الغربية التخلص من حكم الاسد.
 بالنسبة للقيادة الروسية الداعمة بقوة لنظام الاسد ستحاول على الارجح مبادلة وقف أية ضربة عسكرية غربية في سورية في حال حدوثها  بتعزيز فرص التسوية السياسية في اطار عقد مؤتمر جنيف 2  وربما يتدخل الروس هذه المرة  للضغط على الرئيس السوري لترك السلطة ضمن خطة حل مناسبة اي ان الغرب استفاد عملياً مما حصل في الغوطة باتجاه القيام بضغط عسكري على النظام السوري و اجباره على تقديم تنازلات مهمة لابرام حل سياسي مع معارضيه وقد يفعل الاسد كل ما هو مطلوب منه ليتجنب المصير الذي واجه صدام حسين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق