بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

هل استشعر الروس احتمال سقوط الأسد؟




اعتبر بعض المحللين أن ضربة النظام السوري الكيمياوية لغوطة دمشق ما كانت لتحصل دون موافقة روسية عليها، فضربة بهذا الحجم الهائل تحتاج غطاء دبلوماسياً وسياسياً من روسيا، لمنع مجلس الأمن الدولي من أخذ قرار أممي بمحاسبة مرتكبيها.
تعتبر روسيا الشعوب الاسلامية ذات الأغلبيات السنّية التي تحيطها كلها أعداء محتملين لها وأن الطريقة الوحيدة للتعامل معهم هي الطريقة نفسها التي استخدمتها مع الشيشان، الدولة التي تجرأت باعلان رغبتها في الاستقلال عن موسكو: الاخضاع بالنار والحديد، وقد تكرّست هذه العقيدة مع بدء الثورة السورية واتخذت شكل التحالف مع النظامين السوري والايراني.
لم يفهم سيّد الكرملين ان الشعوب في حركتها ضد الاستبداد ترفع رايات الهويّة الدينية والقومية كشكل من الاستقلال عن المحتلّ والمستبدّ وان ذلك يعكس تعطّشاً للهوية والعدالة الاجتماعية والتحرر السياسي. هذا الفهم الاستشراقي السائد في المدرسة التقليدية الروسية جعل بوتين في قاطرة واحدة مع حاكم قصر المهاجرين الذي ينظر الى شعبه النظرة نفسها ويتشارك مع حليفه بالطريقة الوحيدة للتعامل مع مطالب البشر وربما يعتبر نفسه أكثر خبرة قمعية فيها من حليفه الروسي.
فاجأ طلب روسيا من النظام السوري افساح المجال لخبراء الأمم المتحدة للدخول الى ريف دمشق الكثيرين وأدى فعلياً الى خضوع النظام لذلك، غير أن المفاجأة الحقيقية كانت في تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ‘ان بلاده لن تدخل في حرب ضد أحد’، وهو ما مثّل عملياً سحب الشيك المفتوح سياسياً وعسكرياً الذي كانت روسيا قد قدّمته للنظام منذ بدء الثورة.
ألم تعلم روسيا بالضربة الكيمياوية فسحبت غطاءها عن النظام السوري لتحميله مسؤولية ما جنته يداه أم أنها فوجئت باتخاذ امريكا قراراً بالرد عسكرياً على النظام فلم تستطع ربط موقفها المقامر مع النظام السوري الى نهاياته المفتوحة؟
من المؤكد أن روسيا كانت تجد في استخدامها حق النقض في مجلس الأمن وتصريحات وزير خارجيتها الهجومية حول سورية وصفقات سلاحها المدفوع ثمنها من دماء السوريين وشعوب المنطقة قضية مربحة رفعت أسهمها السياسية العالمية مستفيدة من ركاكة وهزال المواقف الخارجية الأمريكية، بل لعلّها كانت، الى وقت قريب، تعتبر كل ذلك نوعاً من اللعبة المتّفق عليها بين ادارتي موسكو وواشنطن.
بالغت الادارة الروسية كثيراً في استثمار التراجع الأمريكي، وكانت نبرة التحدّي والغطرسة الروسية في قمة الثمانية +1 ثم تدخل الكرملين في قضية سنودن وأخيراً الضغط الاعلامي العالمي بعد الضربة الكيميائية على حكومات العالم كلها، أسباباً دفعت اوباما للتسليم أخيراً بضرورة الردّ على موسكو بضرب حليفها في دمشق، وربما نبهته الى ضرورة مراجعة مبدئية لرصيده السياسي الخارجي المتهاوي.
وإذا أضفنا لهجة الخضوع والتراجع والاعتذار في مؤتمر وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس وانكاره وجود معاهدة دفاع مشترك بين ايرانوسورية وتبريره الموقف الروسي بعدم الدفاع عن النظام، وعطفناها على ما تردد عن مغادرة قطع من الأسطول الروسي ميناء اللاذقية وأنباء تهريب عائلات ضباط ومسؤولين سوريين لخارج سورية، سنعرف أن المبادرة الأمريكية قد أحبطت الروس ومن ثم هبطت بمعنويات قادة النظام السوري إلى الحضيض.
أغلب المحللين اعتبروا ان الضربات العسكرية القادمة للنظام ستكون نوعية ومحدودة ولكن السؤال الآن: ألا يمكن ان تؤدي هذه الضربات الى تحريك أحجار دومينو سقوط نظام بشار الأسد، وهل فكّر الروس بأن مغامرتهم الكيميائية الخاسرة قد قلبت الطاولة عليهم وأدركوا ان سقوط النظام السوري صار محتملاً ففضّلوا تقليص خسائرهم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق