بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 24 أغسطس 2013

موسم هجر الشوارع -شامل حمد الله


باستثناء من وصلوا الى نقطة اللاعودة من إسلاميي السياسة السلفية والخارجين من تحت ذقونها، من ذاك الذي لا يتفق على أن السلفية الحاكمة يجب ان تغادر السلطة بمصر وألا تصل الى الحكم بسوريا؟
كل الأزمة ابتدأت بشعار، ولطالما دفع العرب غالي الأثمان لشعارات اسرهم قصرها وتعبيرها "الشعب يريد إسقاط النظام" لكنهم وفي لحظات فوران عاطفي مخيف لم يفكروا بشعار لما بعد الإسقاط كأن يكون "الشعب يريد إصلاح النظام" او تغييره، وتلك المصادرة العربية للحالة الجمعية هي مكنون ديكتاتوري في السلطة والمعارضة سواء بسواء.
العرب يقلدون، ويستنسخون المشاريع الحزبية من بعد فشلها من منابعها الفكرية الأوربية والاخوان المسلمون حتى وإن كانوا ضمن خانة التسنن الاجتماعي، إلا انهم وبمجرد تكتلهم ضمن منهاج داخلي وخارطة تنظيمية لم يكونوا إلا ضمن مقاسات التحزب التي درجت عليها باقي أحزاب نشطت ضمن فترات الثلاثينيات من القرن العشرين، اقول انهم متشابهون ضمن تشريح التراتبية الحزبية مع الفاشية الإيطالية من ناحية الهيكلية الحزبية والنويات المكونة للخلايا كما تخيلها بينيتو موسوليني، وهذا ليس قدحا بهم على الإطلاق.
ومشروخة تلك الشرعية التي انطلقت للدفاع عن محمد مرسي، فان لم تكن سابقا، فقد تحققت بالممارسة قبل وأثناء وبعد فض الاعتصامات، على ان الشرعية الاخوانية هي نتيجة لفكرة اليأس من الحاكم والكد المرير معه مما يبيح القولة الشعبية المأثورة "فليحكم شارون فقط ليزول فلان" وفلان شملت مبارك وزين العابدين والقذافي وصدام حسين، ويمكن أن تمتد وتتمدد لتشمل مرسي ايضا وغيره.
لكن وبنظرة أخرى ترى اي استفتاء أصدق وأعمق من الانتخابات؟ انها المواجهة لرفض نتائجها التي لم تشهد تزويرا، ولكنها شهدت تخويفا وخضوعا لسطوة "الجهادية" المتوثبة في كل مكان لخطف الحكم.
من قال ان بديل مبارك يجب ان يكون اخوانيا، وبديل بشار قاعديا وكذلك القذافي؟
ومن ذا الذي بإمكانه منع البسطاء، وما اكثرهم في دول التغيير، من المقارنة بين الحاجة والذل سابقا، وبين الهلع والموت على يد البديل الثوري؟
ربما تكون القاعدة كتنظيم، حديثة الحضور في الساحة العربية اذا ما قيست بباقي تنظيمات السلفية الأخرى رغم انها وان كانت آخر العنقود، الا انها الاكثر دمارا ضمن الفكر والقتل، وكانت عربيا تتمثل في حالات فردية من المواجهة بعد مواسم خيبة الفتوحات الحديثة ضمن بلدان فدرالية سوفياتية استقلت، لكنها دخلت بشكل مروع لحسم صراعات للاستبدال السلطوي بحيث تراجعت امامها تنظيمات اقدم وأكثر دراية بفنون اللعب مع السلطة.
ولنتفق فإن اي سلطة عربية ربما وبعد مواجهات واعتقالات وتعذيب لمنتمين لحركات اسلامية سلفية، تصل الى تفاهمات تفضي الى سلام وتحاش مرصود معها، واحيانا تسمح بشيء من التساهل بوصول ممثليها الى المجلس النيابي "العالم العربي تنفيذي وليس نيابيا".
لكن لا السلطة، الآن ولا مستقبلا ستتقبل ان تسن هذا التوافق مع تنظيم مثل القاعدة، لسبب بسيط وهو ان الاخيرة ترفض الجميع وتنكر التفاهم، لكنها تبدأ بالنزول الى الشارع بعد ان ينزل اليه الجميع، اسلاميون وغير إسلاميين وبعدها تشتعل النيران ولا يخف الدخان.
الشوارع مليئة متخمة بالمعترضين، عن قناعة، او لمجرد الذوبان في الكل، للسرقة، لحرق الملفات، لنيل رشفة من رومانسية الثوار، المهم لكل سبب للنزول، لكن النزول للشارع هو الموسم الذي تفقس فيه بيوض القاعدة، تبدأ بصرخة من مظلوم على يد حاكم وتنتهي بمفجوع على يد إرهابي وبين الحدثين تقطع الشوارع وتنصب الخيام وتزدهر بسرعة موجات تحمل التاريخ المكذوب لحقبة من الاسلام تبيح غزوات تطفئ حياة المسلمين فما بالك بغيرهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق