بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 25 أغسطس 2013

سيناريو يوم القيامة في سورية






سياسات النظام السوري منذ اندلاع الثورة السورية (بل قبلها بكثير) حوّلته الى عبء أخلاقي كبير على المجتمع الدولي وجعلت المنطقة ساحة كبيرة مؤهلة لاستقبال سيناريو يوم قيامة عالمي.

ساهم تراخي الولايات المتحدة الامريكية المستمر عن تحمّل مسؤولياتها العالمية، وتورّط دولة عظمى مثل روسيا، ودولة إقليمية كبرى مثل ايرانوقوى خاضعة مباشرة لتأثيرها في العراق ولبنان، في توفير الحماية العسكرية والسياسية والاعلامية لهذا النظام، وإشعاره أنه صار – مثل جارتهاسرائيل بلداً فوق القانون، وان هناك اتفاقاً عالمياً على ابقائه، مما جعله لا يتورّع عن ارتكاب أية محرّمات عالمية مهما تعاظمت، فما الذي كان سيمنعه من استخدام الكيماوي في ريف دمشق بعد ان قام باستخدامه 27 مرة سابقة لم يرفّ لها جفن العالم، ولا أزعج سكينة المهدّد الأساسي به قبل عام تماماً: باراك اوباما.
غير ان قصف ريف دمشق بصواريخ كيميائية والعدد المروّع من المدنيين الذين سقطوا، وشبه العلانية الفاجرة للنظام ومؤيديه في تأكيد مسؤوليته عن القصف والتهديد بتكراره في مناطق أخرى (كما يحصل في مخيم اليرموك حالياً)، جعل الأمر فضيحة اخلاقية سياسية عالمية بامتياز، وخصوصا بعد أن وثقت الهجوم غير المسبوق منظمات انسانية عديدة بينها جمعية ‘أطباء دون حدود’ التي أعلنت ان ثلاث مستشفيات في دمشق استقبلت ما يقارب 3600 مريض بأعراض تسمم كيميائي خلال أقل من 3 ساعات صباح يوم 21 آب (اغسطس)، توفّي 355 منهم. 
المخجل في الأمر ان النظام السوري تابع القصف الجوّي والمدفعي لقرى ريف دمشق المنكوبة بالكيماوي والمشغولة باسعاف سكانها فيما انشغل مناصروه في بعض مناطق دمشق بتوزيع الحلوى والرقص ابتهاجاً بمذبحة اخوانهم السوريين.
حاولت ادارة اوباما متابعة ترددّها الشائن في المسألة السورية لكن موقف بعض شركائها
الاوروبيين وثبوت الجريمة على مرتكبها، بل وحتى موقف روسيا عرّابة النظام السوري التي طالبته بالسماح للأمم المتحدة بالدخول لمواقع القصف، والموقف الايراني الذي أدان استخدام الاسلحة الكيميائية، كل ذلك جعل البوصلة العالمية تتجه لعمل ما للرد على هذا الجنون المستشيط والذي اعتبر أكبر هجوم كيميائي في العالم منذ قصف قرية حلبجة الكردية في العراق عام 1988.
سيكون موضوع التعامل مع الأسلحة الكيميائية السورية على طاولة البحث في اجتماع قادة اركان وجيوش 10 دول في الأردن خلال الأيام القادمة، فما هو الأمر المتوقع حصوله في الاجتماع؟
تحدّث وزير خارجية الأردن، ناصر جودة، عن وجود سيناريوهات عديدة للتعامل مع الاسلحة الكيميائية السورية، والحقيقة ان التجارب السابقة لهذه الاجتماعات لا تبشّر بحلول ناجعة للمسألة الأساسية التي صار واضحاً انها لا تهم المجتمع الدولي: ايقاف آلة قتل النظام السوري لشعبه… بغض النظر ان كان ذلك بالأسلحة الكيماوية او التقليدية.
لا يثق السوريون، ولا العرب عموماً، بقرارات الغرب، ولا بأولوياته التي قصمت ظهر العرب والمسلمين، بدءاً من الأولوية الاسرائيلية، وصولاً الى حربه المزعومة على الارهاب في العالم.
كما ان المجزرة الكيمياوية الفظيعة، للأسف، لا تتقاطع مع رغبة اوباما في اكمال عهدته الانتخابية في إجازة من أية سياسة خارجية امريكية فاعلة، وبالتالي فما سيتمخض عن الاجتماع سيكون ضربات محدودة توجع النظام السوري لكنها لن تمنعه من الاستمرار في تنفيذ ‘مطالب’ مؤيديه بابادة من لم يخضع من شعبه.
لا ندري ان كان ضمن سيناريوهات الأردن تدخّل عربيّ فاعل لحسم الصراع في الساحة السورية، وان كنّا نشك في ذلك.
الى ذلك الحين: ستستمر عروض سيناريو يوم القيامة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق