عندما يتحدث حسن روحاني في طهران "بلغة الجزر" فلماذا يلوّح "حزب الله" في بيروت بالعصي، وهل يمكن تغطية التورط المتزايد في المستنقع السوري برفع منسوب الاحتقان في لبنان وتوزيع الاتهامات لتطاول حتى السعودية لمجرد انها دعمت وتدعم الثورة في سوريا منذ بدايتها، وقبل ان يقرر "حزب الله" الانخراط في هذا الصراع الذي كان متوقعاً انه سيستجلب الشرور الى لبنان؟
كان مثيراً للاستغراب ان يقرأ اللبنانيون بيان "حزب الله" الذي يتهم "اجهزة مخابرات في المنطقة تستثمر مجموعات من الارهابيين والتكفيريين وتستفيد من الحاضنة السياسية التحريضية التي يشكلها بعض قوى 14 آذار ويغذيها لفرض مسارات استراتيجية وسلطوية في لبنان"، في وقت كان بان كي - مون يوجه الشكر الى خادم الحرمين الشريفين على تبرعه السخي بمبلغ 100 مليون دولار "لمكافحة الارهاب والتكفيريين والقضاء على قوى الحقد والتطرف"، وكذلك في وقت كان الامير محمد بن نايف ينقل عن الملك عبدالله "حرصه الشديد على وحدة دول المنطقة واستقرارها وتماسك شعوبها في وجه دعاة الفرقة والانقسام"! واذا كان من باب الافتراء الانسياق التلقائي الى توجيه "الاتهامات" دائماً الى الامير بندر بن سلطان، حيال كل ما من شأنه دعم الثورة في سوريا كفبركة السيناريوات المضحكة مثلاً عن محادثاته اخيراً في موسكو، فمن المستغرب ان يذهب "حزب الله" الى حد الايحاء بعلاقة بندر بجريمتي بئر العبد والرويس، على الاقل لأنه كرئيس لجهاز الاستخبارات العامة في السعودية شنّ ويشن اساساً حرباً لا هوادة فيها على التكفيريين الذين يتهمهم الحزب بتدبير الانفجارين.
وعندما ترى مصادر "حزب الله" ان مسار الاحداث يوحي بأن هناك قراراً سعودياً اميركياً للتفجير من بغداد الى بيروت، يجب ان نتساءل على الاقل هل ان الرياض تريد التفجير تحت اقدام اميركا في العراق ايضاً؟ انها المبالغات طبعاً التي يراد لها عملياً ان توفّر غطاء يساعد في تبرير ما قد يحصل من الاذى والشرور نتيجة التورط المكلف مرتين في سوريا، مرة عبر الخسائر التي يتكبدها الحزب في الميدان العسكري، ومرة عبر استجلاب تدخله هناك جرائم التفخيخ والتفجير الى لبنان كما حصل في الرويس.
ومن المسخرة العودة الى الحديث عن البيئة السياسية الحاضنة التي يغذيها بعض قوى 14 آذار، إلا اذا كان الحزب ينتظر من خصومه التصفيق له على تورطه المكلف له وللبنان في الازمة السورية. ثم انه من مصلحة الحزب ومصلحة لبنان التأمل جيداً في كلام مروان شربل الذي استهول وصول الامر بجماعة 8 آذار الى تصنيف الاجهزة الامنية وفق الطوائف وتسييس الامن ايضاً، فمن الضروري ان نتذكر ان توزيع الاتهامات هنا وهناك لن ينفع في تغطية الاثمان المؤلمة التي سيدفعها لبنان مقابل الانخراط في الحرب السورية!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق