بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 19 سبتمبر 2013

إلى عازف الغيتار لافروف! صالح القلاب

ما كنا نعرف أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف شاعر وعازف غيتار ومحامٍ ولهذا فإننا نستغرب، بأثر رجعي، كيف أنَّ إنساناً بهذه المواصفات الرقيقة لابد أنه تتلمذ على إبداعات أدباء وشعراء روسيا القيصرية الكبار ومن بينهم مكسيم غوركي صاحب رواية «الأم» من الممكن أنْ يتخلى عن وجدانه المفترض وأن يقف مع القاتل ضد القتلى وأنْ يتستر على إستخدام نظام إرتكب من الفظائع ما لم يقبله ضمير حي في الكرة الأرضية كلها لأسلحة الدمار الشامل الكيمياوية ضد أطفال أبرياء إغتالتهم غازات الأعصاب السامة وهم يرقدون في أحضان أمهاتهم ويحلمون بأرغفة الخبز الساخنة في صباح اليوم التالي.
إنه لا يمكن تصديق أنَّ إنساناً بكل هذ المواصفات الجميلة والنبيلة، الموسيقيُّ والشاعر والمحامي، من الممكن أن يتآمر على ضميره ويقبل بإتخاذ هذه المواقف «القذرة» التي لا يقفها إلاَّ ضابط سابق في جهاز الإستخبارات السوفياتية الشهير الـ»كي.جي.بي» الذي كان أسسه وقاده في فترة التصفيات «الرفاقية» لافرينتي بيريا الذي شملته في النهاية هذه التصفيات فالمثل يقول :»وبشِّر القاتل بالقتل ولو بعد حين» وشملت أيضاً ذلك القائد الأممي الكبير مؤسس الجيش الأحمر ليون تروتسكي الذي تمت تصفيته في المكسيك في عام 1940 بأوامر من جوزيف ستالين بطريقة مقززة بشعة.
لاشك في أنَّ سيرغي لافروف «الرفيق» السابق الذي إنقلب على الحزب الشيوعي السوفياتي مع مَنْ إنقلب، بقيادة بوريس يلتسن بعد تمهيد من ميخائيل غورباتشوف، بحجة أن هذا الحزب، الذي حكم بالحديد والنار لأكثر من سبعين عاماً دولاً عظمى كانت لها مكانة مرموقة في التاريخ، هو حزب فاشل وديكتاتوري
وظالم وأنه بعد كل هذه السنوات الطويلة قد وصل إلى خط النهاية وحقيقة أنَّ كل هذه المواصفات السيئة أصبحت مواصفات هذا الحزب الذي يحكم سوريا بإسمه الآن بشار الأسد وبأبشع من ديكتاتورية ودموية جوزيف ستالين والذي كان ذات يوم «بعيد» يتدثر بشعارات جميلة «أمة عربية واحدة..ذات رسالة خالدة» جذبت قطاعات واسعة من شباب خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
ستمر الأيام بسرعة ولن يفلت من العقاب الذي يستحقه من إستخدام الأسلحة الكيمياوية المدمرة ضد أطفال غوطتي دمشق الشرقية والغربية في فجر يوم الحادي والعشرين من أغسطس (آب) وسيجد «الرفيق» سيرغي لافروف نفسه أمام ضميره الذي تخلَّى عنه وبالتأكيد فإنه سيكون كمن يقف في قفص إتهام أمام محكمة الجنايات الدولية وسيسأله المحامي والشاعر وعازف الغيتار الذي في داخله عن الأسباب التي دفعته للتخلي عن ضميره والإنحياز إلى القتلة الذين أرتكبوا مجازر بشعة لم يرتكبها لا جنكيز خان ولا هولاكو ولا حتى هيتلر وموسوليني.
غير معقول وغير مقبول أن يتخلى محامٍ وعازف غيتار وشاعر تربى على إبداعات ألكسندر بوشكين ومكسيم غوركي عمَّا في داخله من قيم إنسانية نبيلة مفترضة وأنْ يركب هذا المركب البائس وينحاز إلى الغازات السامة والقذائف الإجرامية التي فتَّت أكباد أطفال غوطتي دمشق ومزقت أجسادهم التي تشبه براعم ورود بلاد الشام في ذروة فصل ربيعي جميل.. إنَّ هذا لايمكن تصوره على الإطلاق.. وبالتأكيد فإن سيرغي لافروف سيستفيق في ليلة كوابيس مرعبة ومخيفة وسيبكي بكاءً مراً وسيعض أصابعه ندماً لأنه باع وجدانه المرهف في لحظة تغلبت فيها مغريات المنصب على القيم الإنسانية التي من المفترض أنها أهم من كل المناصب التي عرفتها إمبراطوريات التاريخ ومن بينها بالطبع منصب الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي في ذروة المرحلة الستالينية البغيضة.

لقد وصف الأميركيون «الرفيق» سيرغي لافروف بأنه يسبح عكس التيار والحقيقة أنه بهذه المواقف المخزية التي يتخذها يسبح ضد وجدانه وضد القيم التي تتلمذ عليها من خلال قراءة ما جادت به قريحة ألكسندر بوشكين وقرائح عظماء روسيا القيصرية من روائيين وموسيقيين وفنانين ومبدعين.. إن هذا الإنسان الذي يحتل منصب وزير خارجية فلاديمير بوتين وليس فلاديمير أليتش لينين ربما يكون ضابطاً سابقاً في الـ»كي.جي.بي» الستالينية لكنه وأبداً لا يمكن أن يكون ذلك الشاعر وعازف الغيتار والمحامي الذي عندما يخلو مع نفسه في ليلة كوابيس مرعبة طويلة لا يملك إلاَّ أن يبكي حتى تتجرح وتتقرح مآقيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق