بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 سبتمبر 2013

شبح الكيمياوي مرة أخرى - نوزاد حسن



ربما كان غريبا تصريح اللواء سليم ادريس قائد الجيش الحر بأن النظام السوري أرسل كميات من سلاحه القاتل الى لبنان والعراق تخلصا من المأزق الذي وجد نفسه فيه، ورغم ان اللواء ادريس لم يشر الى نوعية مصادره فان تصريحه أعاد الينا ذكرى سنين كنا نصارع فيها شبح الاسلحة الكيمياوية التي تبين فيما بعد انها لم تكن موجودة، لكنها كانت سببا في اسقاط نظام صدام حسين. واليوم وفي حمى الصراع والكلام الإعلامي الكثير علمنا ان شحنات من تلك الثروة البائسة عبرت الحدود بحسب قائد الجيش الحر. ولا مجال هنا لمناقشة فرضية اللواء لكن النظام السوري المعروف بحيازته لما يقدر بألف طن من المواد السامة لا يشعر بالخزي من وجود هذه التلال المميتة بل سوف يضعها تحت انظار كل المراقبين الدوليين ومن ثم سيتم تدميرها بالكامل في غضون اشهر كما عبر جون كيري وزير الخارجية الاميركي.
يريد الاميركان تنظيف سوريا قبل ان يقع ما هو ليس متوقعا، فالحرب لا تعطي انذارا لأحد، والكيمياوي جزء من تركة لا بد من حسم ملفها ما دام الرئيس السوري يقف على قدميه في هذه الازمة، لكن القصة التي لا اتمنى ان تكون مأساوية على طريقة الكاتب الفرنسي (راسين) هو ان يتفرق او يذهب جزء من ذلك السلاح الى جهات تفتقر الى الحس الدبلوماسي او الحس الانساني، وأنا اعتقد أن اميركا وازنت جيدا بين الضربة التي ارادت تنفيذها وبين الخطة الروسية التي جاءت في الوقت المناسب.
 كما قلت لا بد من تنظيف سوريا جيدا وفتح نوافذها للهواء وفيما بعد لن يأسف احد على رحيل الرئيس السوري الذي سيترك خلفه اطرافا مختلفة في كل شيء. ومن المهم ان يكون اختلافهم - اذا لم يتفقوا بعد سقوط الاسد ورحيله – بعيدا عن أي شيء اسمه السلاح الكيمياوي لأن فرصة استخدام الغاز المميت ستكون واردة، وقد جاءت الخطوة الروسية ملبية بصورة جيدة لما يريده الاميركان، كما حقق الروس حلما آخر وكأنهم هم المقصودون بالقصف الذي اوقفته الولايات المتحدة لمنح الدبلوماسية وقتا مفيدا يحقق فيه المجمتع الدولي نصرا في إزالة تلال الموت المنتشرة في سوريا.
الرئيس السوري وافق على الخطة الروسية. هذا وقت ممنوح للنظام استطاع ان يشتري فيه زمنا اضافيا مقابل تسليم ما في يديه من سلاح قاتل. وقت ثمين سيمتد لأشهر حتى منتصف العام المقبل. هذا الوقت ثمين أيضا لأميركا ولروسيا وللمجمتمع الدولي، لكن صعوبات كثيرة تواجه عمل المفتشين الذين يريدون ان يقفوا على كمية الترسانة الكيمياوية الموجودة في حوزة النظام، وأول صعوبة هي الحرب الدائرة بين الجيش الحر وجيش النظام، كما ان تكاليف هذه العملية كبيرة. وفي النهاية شعر أغلب السوريين انهم خسروا صفقة ما حين لجأ العالم الى السير في طريق لا تأتي بسعادة سريعة للسوريين، وقد اعترف قائد الجيش الحر بخيبة الأمل من الموقف الدولي، إذ لا يمكن ان يكون جزاء استخدام السلاح الكيمياوي صفعة عن بعد لا تقدم ولا تؤخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق